16/07/2022 Www.hasritv
ذ:عمر إسرى
مجرم وتاجر مخدرات فرنسي، ولد في فاس سنة 1944، بدأت ملامح شخصيته الإجرامية تظهر منذ سن مبكرة، حيث كان يبتز أصدقاء والده مقابل شراء صمته عن خيانتهم الزوجية. في سن الثامنة، كان يحفر القبور رفقة صديقين له (كما يحكي هو نفسه) من أجل سرقة حلي ومجوهرات الموتى بمقبرة بمدينة الصويرة، حيث انتقل والديه، ليباشر بعد ذلك وهو في سن ال12، الاتجار في القنب الهندي.
اعتقل لأول مرة في إسبانيا سنة 1970، فتدخل والده لدى سلطات فرانكو للإفراج عنه، قبل أن يعتقل مرة أخرى ليتم تحريره من السجن من خلال عملية دبرتها منظمة SAC (ميليشا إجرامية موالية للجنرال دوگول).
بعد انكشاف نشاطه الإجرامي بإسبانيا، اضطر إلى الانتقال إلى أمستردام التي يصفها ب”الجامعة التي تعلم فيها أدبيات الإجرام”، ساعده إتقانه للإسبانية، في كسب ثقة عصابات إجرامية من أمريكا اللاتينية، ليتعامل معها لعقود في استيراد وتوزيع الكوكايين والهيروين، قبل أن تنتعش تجارته غير المشروعة، ويجمع ثروة ملطخة بالدم، وينشر السم الأبيض في أوروبا. يحكي الرجل أنه في سنة 1973 قام رفقة عصاباته بسرقة محتويات أكثر من 400 منزل، كما قام بمداهمة الكثير من الأبناك، بالإضافة إلى مهمته كقاتل مأجور لفائدة SAC الدوگولية.
الرجل يعترف أنه كان المزود الرئيسي لمدينة باريس بمختلف أنواع المخدرات، خصوصا بالكوكايين، مستغربا عدم تمتيعه بلقب “ملك الكوكايين” عوض “أمير الكوكايين” الذي يشتهر به في فرنسا.
قضى جيرار بسبب نشاطه الإجرامي، 18 سنة خلف القضبان (14 سنة بفرنسا، سنتين بهولندا، سنة بإسبانيا، وسنة ببلجيكا)، كمل تورط بين 1997 و 2015 في ثلاث قضايا إجرامية، من بينها الاغتيال المزدوج و محاولة القتل.
الرجل اليوم، بعدما خارت قواه، واشتعل رأسه شيبا، وجد تجارة أخرى لا تختلف كثيرا عن نشاطه الإجرامي سابقا، سوى في أنها لا تتطلب تلك الطاقة والبنية الجسدية التي كان يتمتع بهما، إنها تجارة “الابتزاز” عن طريق كتابة “ما يحلو له”، عفوا “ما يخدم تجارته الجديدة”، و من بين الدول التي يركز عليها في ذلك، المملكة المغربية.
التأريخ للدول، للأحداث، للوقائع، يحتاج إلى متخصصين، إلى خبراء موضوعيين صادقين، متملكين لميتودولوجيا وأدوات البحث والتمحيص، و ليس إلى فبركة وابتزاز العصابات الإجرامية، وما تخطه الأصابع الملطخة بالدماء!
من أبسط وأذكى الأسئلة التي طرحت على جيرار، ولم يستطع الإجابة عنها: “ما هي أدلتك؟ و كيف نتأكد مما تقوله، ومعظم الشخصيات التي تتحدث عنها لم تعد موجودة بيننا؟”، لكن الجواب واضح، فالطبع يغلب التطبع، وهدف الماضي، هو هدف اليوم، الوسائل تختلف والغاية واحدة.
أما الجواب الأوضح فكان على لسان الفيلسوف والسياسي شيشرون الذي قال ذات مرة: “القتلة لا يبحثون عن فلسفة ، بل يبحثون عن أجورهم”.