هناك دوما فرق بين الديمقراطيين “الوطنيين” الذين يسعون إلى التغيير الديمقراطي لصالح الوطن والمواطنين، وبين نوعين من المُدَمِّرين:
* أولئك المرضى الذين تنبض قلوبهم حقدا ونقمة، فيأتون بألسنتهم على الأخضر واليابس، يشخصنون كل شيء، بدون تكوين أكاديمي أو تراكم نضالي، أغلبهم جبناء، يختبؤون في أوروبا وراء منظمات متنوعة، “ينبحون” و “يحرضون” و يسبون و يقذفون، يحاولون تمويه من يشاهدهم على اليوتوب والفيس بوك وتويتر وغيرها…، بأن الأمر يتعلق بمعارضة حقيقية، يعيشون غالبا خارج الوطن، لذلك يحلمون بتخريبه على من ليس له مكان آخر، ومن لا يبحث عن مكان آخر أصلا… كما تفعل فتاة وزوجها، لا يتوقفان عن النباح، كلام رديء، مستوى ضعيف جدا، اتهامات مجانية، معاداة للوطن ومؤسساته بدون علم أو معرفة، حقد وكراهية لا ينتهيان، و نفس الشيء يجري على ملاكم تعيس صار بين ليلة وضحاها معارضا سياسيا بدون توجيه أو تأطير سياسي، بدون تاريخ، تعوزه اللغة والعقل والأفكار والوطنية والأخلاق، لا يعرف سوى منطقا واحدا “أنا ومن بعدي الطوفان”. بئس معارضي آخر الزمان! إن كلامهم لا يجد في قلبي وعقلي سوى إحساسا بالغثيان!
* اولئك الانتهازيون الذين لا يهمهم لا الوطن ولا المواطنين، يهرولون وراء مصالح شخصية ضيقة، يراكمون الثروات و يساهمون في تعميق الفساد والأزمات، وكلما منحت لهم الفرصة للحديث يتخشعون، بل يغرقون في خطاب “وطني” مزيف، لديهم قدرة هائلة على البكاء والتباكي و “التمسكين” وادعاء المصلحة، وفي النهاية تبقى مصلحتهم النتنة فوق كل اعتبار، ينهشون لحم الوطن والمواطنين بدون رحمة، بئس المنافقين مصاصي الدماء.
ما يحتاجه الوطن والمواطنون، هم أولئك “الوطنيون” الحقيقيون، الحكماء الذين يعرفون ما يقولون وما يفعلون، الذين يتحلون بالشجاعة والواقعية ونكران الذات، وتغليب مصالح الوطن واستقراره، دون التخلف عن قول الحق و نصرته كلما كانت هناك فرصة لذلك، لا يشخصنون، لا يسبون، لا يكرهون… لا إلى العدميين “المزايدين” و المحرضين ضد الوطن من خارجه، الحالمين بإغراق سفينته وردم السماء على رؤوس أبنائه، وأغلبهم على مساعدات المنظمات “المشبوهة” يقتاتون، ولا إلى أصحاب الگاميلة الذين يحولون الوطن إلى كعكة و حفل شواء!
المواطنون يحتاجون إلى من يخدم قضاياهم ويحمل همومهم ويتقمص تطلعاتهم، أولئك الذين يجعلون طموحهم الفردي يتماهى مع الطموح الجماعي، أولئك الذين يثمنون النصف الممتلئ من الكأس، وينخرطون إلى جانب مختلف الفئات والجهات في ملء النصف الفارغ منها، بشجاعة، بمسؤولية، بانضباط! يؤمنون بالنسبية، بالتراكم، بالاستقرار، بالإصلاح، بالتغيير الهادئ، بالتنمية…
دغدغة العواطف من طرف المحرضين المتآمرين، من جهة، و أولئك الناهبون الفاسدون، مصاصي الدماء، من جهة أخرى… وسيلة من وسائل التخريب والتدمير… وعلى المتلقي أن يكون حذرا، أن يمحص ويفكك كل ما يتلقاه، ويغربل كل شيء حتى لا يستهلك القمامة السامة، عليه اكتشاف سياق الكلام، سياق صاحبه وخلفياته، حتى لا يصير مصيدة تستخدم من طرف أصحاب الأجندات اللاوطنية داخليا وخارجيا.
أسهل شيء على الإطلاق، أن نسب ونخرب، أو نردد أسطوانة “العام زين” بدون مناسبة!
أصعب شيء، وهو أمر ممكن، وإن كان يتطلب مجهودا، وجرعة مهمة من الوطنية والمسؤولية والحكمة، هو البناء، هو التحلي بالنسبية والواقعية وتغليب مصلحة الوطن واستقراره في كل حين، والانخراط في الإصلاح بهدوء!
قد يكون هذا الكلام غير مثير، خاليا من الإغراء لمحبي أسطوانات “الجمود” الخالدة، و محبي الطواحين الهوائية بمنطق “ألونسو كيخانو”، ولن يجده المنافقون ذوي البطون الفاسدة كلاما معسولا جديرا بالاستهلاك! لكنه صيحة لكل مؤمن بالإصلاح المسؤول، ب”نسبية” التاريخ وديالكتيكه، وبسمو الوطن وقضاياه واستقراره وازدهاره!
الوطن أولا!