حث المغرب وعدد من الدول العربية مواطنيهم على مغادرة الأراضي الأوكرانية ، نظرا للظروف التي تشهدها المنطقة وهذا ليس وليد اللحظة ،فقد عرفت العلاقات السياسية بين اوكرانيا وروسيا توترا منذ 8سنوات ، قُرعت خلالها طبول الحرب مرارا ، بين البلدين تارة ، وبين روسيا ومعسكر الغرب الداعم لكييف تارة أخرى.
انقسم خلال هذه المدة المهتمون بالقضية ، بين من يعتبر أن الحرب آتية لامهرب منها ، وإن تأخرت ، وبين من يستبعدونها كخيار ضروري، أو مطروح بين أطراف النزاع، لكنهم أجمعوا أن الحديث يدور عن هذه الأزمات والتوترات التي قد تكون فيها شرارة “حرب محتملة”، عند كل تصعيد.
فعلى مر السنوات الماضية، تفاقمت إمكانيات اندلاع هذه الحرب، بحكم كثرة الأزمات والتوترات الرئيسية والفرعية، ومن أبرزها سيطرة روسيا على القرم وضمه في مارس 2014، لكن كييف لم تصمت وأكدت أنها ستستعيد شبه الجزيرة بكل الوسائل المتاحة.ما دفع معظم دول العالم الى عدم الاعتراف بروسية القرم. وفرض عقوبات واسعة على موسكو، بسبب احتلاله، وانتهاك سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا. كما اتهمت موسكو بعسكرة أراضي شبه جزيرة القرم، بما يهدد أمن أوكرانيا ودول الجوار الأوروبي.علاوة على اتهام موسكو كييف بقطع شريان المياه العذبة عن القرم (قناة الشمال التي تلبي نحو 85% من حاجة سكانه وأراضيه)، ما أدى إلى أزمات عدة فيه.
ويمكن أن تشكل الحرب المشتعلة في أوكرانية منذ سنة 2014 في إقليم “دونباس” شرقا، بين قواتها والانفصاليين الموالين لروسيا، شرارة حرب أوسع في المستقبل.
وقد يكون اضطهاد الرعايا الروس ذريعة لشن حرب في مناطق أوكرانية أخرى كما فعلت روسيا لدخول القرم ودعم الانفصاليين في دونباس سابقا .
فروسيا ، التي منحت جنسيتها لسكان القرم، وأعداد كبيرة من سكان دونباس، انتقدت بشدة قانون “الشعوب الأصلية” في أوكرانيا، الذي لم يشمل الروس، واعتبرته “قانونا عنصريا”، صادرا عن “سلطات فاشية”.لكن أوكرانيا بدورها رفعت شعار حماية الرعايا، رغم فارق وضعف القدرة على حمايتهم .
و تحذر أوكرانيا من “نوايا روسيا التوسعية” عند كل تصعيد ، وتشاركها هذه المخاوف دول البلطيق التي تخشى سعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي السابق، ولا سيما أنه يعتبر انهياره “أكبر مآسي القرن الـ20”.كما كثر الحديث في روسيا عن حتمية قيام “روسيا الجديدة”، التي تشمل عدة مناطق أوكرانية ناطقة بالروسية، كدونيتسك ولوغانسك (التي يسيطر عليه الانفصاليون)، إضافة إلى سومي وخاركيف وزابوريجا وخيرسون وأوديسا.
وتدخل الولايات المتحدة في خط هذا النزاع المحتدم ،فبالإضافة إلى “دعم وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا”، يرى المراقبون لهذا الشأن أن سر الاهتمام الأميركي بملف الأزمة الأوكرانية، و دعم كييف بمليارات الدولارات في مواجهة موسكو، يكمن في مصالح وأهداف أميركية، ،كثني روسيا عن التحالف مع الصين، العدو الرئيسي لواشنطن. وعرقلة كل من التقارب الروسي الأوروبي بعد سنوات القطيعة النسبية، ومشروع “نورد ستريم 2” لنقل الغاز، كخطر جيوسياسي كبير على الحلفاء الأوروبيين ،فأزمة الطاقة وارتفاع أسعار الغاز تعتبر من الأزمات الراهنة والأكثر حدة .
اضافة الى استنزاف قوى روسيا في ساحة الحرب الأوكرانية، وإضعاف نفوذها المتنامي إقليميا وعالميا.
ويبدو أن مسؤولين عسكريين أوكرانيين، توقعوا ، على أساس كل ما سبق من أزمات وتوترات وعوامل أخرى ، اشتعال الحرب في نهاية يناير أو بداية فبراير 2022، كما صرح، قبل مدة ، كيريلو بودانوف، رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية الأوكرانية.
ولا يمكن استبعاد أن تكون شرارة الحرب المحتملة في عملية إرهابية لتبادل الاتهامات بالمسؤولية، أو في عملية اغتيال، تضاف إلى عشرات الاغتيالات التي شهدتها أوكرانيا ومناطقها المحتلة خلال السنوات الماضية.
وقد تكون الشرارة في محاولة “انقلاب” على السلطة في كييف بدعم روسي، الأمر الذي لمح إليها صراحة الرئيس فولوديمير زيلينسكي يوم الجمعة الماضي.